إلى الجیل الصاعد

للكاتب: أحمد بن یوسف السید

في مقدمة الكتاب ذكر المؤلف السبب الذي تولد بسببھ الكتاب وھي رسالة من شاب لخص فیھ مشاكل

یمر فیھا جیل كامل ثم ذكر نص الرسالة من الشاب

الذي لخص وضعھ بالضیاع وبضعف دینھ ولم تكن لھ أھداف یسعى لھا ومشاكل في التركیز والانضباط وبتفشي مرض الاكتئاب في جیلھ. وذكره بنص سؤالھ بأنھ یرى بأن في الجیل خیرا مع ذلك كلھ ونیة صالحة ورغبة بالتغییر نحو الأفضل لكنھم بحاجھ إلى التوجیھ والمساعدة والعنایة، والرعایة، ولمعرفة الھویة، والانتماء.

وكان الرد على ھذا السؤال برسالة ذات طابع خاص بمعالجة المشكلات التي تضمنتھا وتناول أھم الموضوعات بتفصیل وتحلیل.

ما بین الجیل الصاعد والجیل السابق والجیل العائر: ھناك اختلافات حقیقیة وفروقات نوعیة بین الجیل الصاعد والجیل الذي سبقھ من ناحیة الاھتمامات

وطریقة التفكیر وطبیعة التدین والخلفیات المؤثرة في النظر الى القضایا ویمكن الجزم بأن ظھور الأجھزة الذكیة وشبكات التواصل وتطور الألعاب الالكترونیة یعتبر الحدث الأبرز في صناعة التغیرات الفكریة والنفسیة لدى الجیل الصاعد مع عدم إغفال تأثیر الحروب والأوضاع السیاسیة في بعض البلدان في السنوات الأخیرة ،فالجیل الصاعد من ولدوا بعد عام 1417 ھجري \1997 م ،

والجیل السابق من ولدوا في الثمانینیات 1400 الى 1409 للھجرة، وھناك جیل عائر بین الجیلین 1

السابق والصاعد یجذبھا الطرفین فتجد بعض ابنائھا ینزع الى الجیل السابق ، خاصة الذین تربوا في الحلقات القرآنیة والمكتبات والدروس العلمیة ،وبعضھم ینزع الى الجیل الذي یلیھ ممن سبقت إلیھم التقنیة قبل غیرھم ولم یكن عندھم مغذیات فكریة وتربویة أخرى و بالمقارنة فإن الجیل العائر من ولدوا ما بین 1410 للھجرة الى 1417 للھجرة 1990 میلادي الى 1997 میلادي.

ولعل أبرز معالم الاختلاف بین الجیلین التي حدثت بسبب شبكات التواصل وأشدھا تأثیرا تغییر مصادر المعرفة بحیث صار ابن الجیل الصاعد یتلقى جل معلوماتھ وافكاره ورؤیتھ للمجتمع والدین والحیاة عبر عشرات المصادر المختلفة التي تكون بالھاتف الجوال وكثیر من ھذه المصادر لا یصلح أن یكون مصدرا للمعرفة الصحیحة المنضبطة و ھناك تأثیرات جانبیة خطیرة بسبب التفاعل مع المعلومات في شبكات التواصل كتشتت الذھن، سرعة الملل وتعود النظر للتافھین وما إلى ذلك.

ویلاحظ ایضا في الجیل الصاعد انعدام المعلومات الثقافیة الإسلامیة الأولیة، كالمواقف الأساسیة في السیرة النبویة وأبرز القصص في التاریخ الإسلامي وأحداثھ الكبرى.

لذلك جاء ھذا الكتاب متوجھا لأبناء الجیل الصاعد ببعض القضایا التربویة الإیمانیة والسلوكیة والاجتماعیة التي یحتاجون إلیھا وكذلك یخاطب الجیل العائر ولكل من یلتفت الى نفسھ متسائلا باحثا ومھتما بمستقبلھ الدیني والمعرفي والنفسي.

وكما یفید ھذا الكتاب أیضا الجیل السابق في توجیھ الجیل الصاعد كالمربین والآباء والمعلمین من جھة التنبیھ الى بعض ما یشغل الجیل الصاعد ویشكل علیھم، والإجابة عن مشاكلھم.

رسائل الكتاب

1- لا تخش الفشل. 2- سؤال الھویة. 3- تحدي الإیمان والثبات.

4- التفكیر بین النقد والشك. 5- مشكلة القدوات. 6- رباعیھ التمیز للنخبة. 7- الفوضى المعرفیة وترتیب الأوراق.

8- أھمیة معرفة الجیل الصاعد للسیاق التاریخي الحدیث. 9- تحدي الشھوة والحب والزواج.

10- الھدایة والاستقامة.

1) لا تخشى الفشل
ھنا ذكر المؤلف خمس خطوات تعینك على تجاوز بعض الإشكالیات في الامور المتعلقة بالفشل.

الخطوة الاولى: اعد تعریف الفشل

كثیر مم یعتبره الناس فشلا وخیبھ وخسرانا لا یكون في الحقیقة كذلك، بل نجاحا ورشادا وفلاحاً ،كما جاء في قصة نوح مع قومھ فھي مثال على تعریف الفشل لدى الإنسان قال تعالى {وما آمن معھ إلا قلیل} ھود:40.

ھنا نجد أن نجاح نوح علیھ السلام لم یكن مرتبط بعدد من أسلموا معھ وامنوا، بل بكونھ بذل الجھد واتبع الأمر وبلغ الرسالة وصبر وصابر. فكان التقصیر منھم فھم إذن الفاشلون الذین جاءتھم فرصة النجاة فكفروا بھا ورفضوھا.

وعلیھ نعلم أن الانسان حتى یطمئن لیس علیھ إلا ان یسعى وأن واجبھ ھو بذل أقصى جھده فیدرك ببذلھ ذلك النجاح سواء تحققت الغایة التي سعى لھا أم لا، وفي النھایة الامور بید الله عز وجل وماضیة وفق تدبیره وتقدیره.

الخطوة الثانیة: التھوین من أثر الإخفاق أي لا نستسلم سریعا عندما نخفق ولا نیأس من المحاولة ولنصاحب الامل ونصادق العزیمة ونرافق الاصرار.

الخطوة الثالثة: توسیع دائرة الاھتمامات والنظر الى الآخرة مع الدنیا

ھذه التوسعة في النظرة لیست بالنظر للآخرة فقط وإنما تشمل النظر للدنیا كذلك، فالحیاة لا تنتھي عند موقف او تجربة، بل ھي اوسع بكثیر. ومن ینظر للمستقبل تھون علیھ مصیبة الحاضر، وأي نقص في ھذه الدنیا معوضھ بدار امامنا لا كدر فیھا ولا نصب وبذلك تكون كالعزاء الذي یعین النفس على الصبر وتحمل أخفاقات الطریق.

الخطوة الرابعة: السعي الى تحقیق النتائج الجیدة لا الى الكمال التام

لان الكمال التام قد یمنع الإنسان من المساھمة في كثیر من المبادرات النافعة وذلك لخوفھ من وجود نقص وعدم الثقة في النتائج اما السعي لنتائج جیده مع الحرص على الإتقان فھذا من العمل الحسن الصالح.

وھذا یؤسس حرص الشریعة على الاجتھاد وبذل الأسباب أكثر من الحرص على كمال النتائج. الخطوة الخامسة: ارسم خطة لنفسك واجعل فیھا مؤشرات النجاح

المطلوب ھنا أن نضع خطة معقولة متوقعة النجاح ونكتبھا على مراحل مع كل مرحلة یكون المرء قد حقق شیئا من الإنجاز والنجاح، والتقسیم یكون لأھداف واجبھ ضروریة وأھداف من الجید تحقیقھا واھداف تكمیلیة لا یضر تركھا ونوه المؤلف ھنا أن المطلوب منا الاجتھاد وبذل الاسباب.

2 ) سؤال الھویة
ھنا یتطرق لإشارات معینھ لنا للجواب عن الأسئلة الكبرى للھویة.

اولا: لا ھویة للمسلم قبل فھم مبدأ العبودیة وغایة الوجود.

قال تعالى {ولا تكونوا كالذین نسوا الله فأنساھم أنفسھم أولئك ھم الفاسقون} الحشر:19

المقصود ان لا ھویة للإنسان إلا باتساقھ مع الفطرة التي فطر الله الناس علیھا فطرة العبودیة تعالى ولنتذكر دائما ان الانسان إذا لم یعرف ربھ لم یعرف نفسھ وإذا فقد ربھ فسیفقد المعنى في كل
شيء وسیكون نسیانھ لربھ ھو ذاتھ الیوم الذي سینسي فیھ نفسھ.

ثانیا: محددات الھویة للشباب او الشابة من الجیل الصاعد.

المحدد الأول: أنا مسلم أنتمي لأمة كبیرة من واجباتي خدمتھا والقیام علیھا والسعي لنصرتھا.

المحدد الثاني: أنا ابن أمي وأبي وعائلتي من واجبي الإحسان إلیھم والصبر على اذاھم.

المحدد الثالث: انا زوج، أو زوجة، أو أب، أو أم، الزواج مقصدھم كما أن تربیة الأبناء مھم في حیاتي احرص على صلاحھم ونفعھم بالمجتمع والأمة.

المحدد الرابع: انا صدیق صالح، الصداقة من أبواب التعاون والصبر لتحقیق غایة الوجود أیضا شعور بالإنس.
المحدد الخامس: انا طالب علم أنفع بھ الناس فلیس للعلم وقت محدد، بل صفة ملازمة مدى الحیاة ومنفعة للناس فلا نكتم علما، بل نسعى لنشر كل ما ھو مفید.

3) تحدي الإیمان والثبات
ھنا ألقى الضوء على أزمة المرحلة الزمنیة للجیل الناشئ الذي یلي الجیل الصاعد وأطلق علیھا تحدي

الایمان والثبات على الدین وذلك لما رآه من حالات الإلحاد المتفرقة وأوصى الجیل الصاعد للتحدي الكبیر ما یلي:

1. العنایة بقراءة الكتب التي تعزز الیقین وتثبت الإیمان بالحجج والبراھین مثل كتب مركز رواسخ ومثل كتاب النبأ العظیم وأورد اسم ثلاثة من كتبھ بھذا الصدد محاسن الإسلام، كامل الصورة، سابغات. ونبھھ إلى تعزیز الیقین لا یكون بالبحث عن الشبھات والرد علیھا ولا بأطروحات الملاحدة المشككین انما معرفة دلائل الحق وبراھینھ والعمل بمقتضي الحق، ونكتفي بمعرفھ اصول المنتشر من الشبھات بعد معرفة الصواب من المصادر المأمونة.

2. الحرص على البناء الشرعي: أي دراسة مرحلة التأصیل على أقل تقدیر.

3. العنایھ الخاصة بعلمي الحدیث وأصول الفقھ: فإنھما یسھمان في تشكیل عقل شرعي

منظم لا یسھل خداعة بزیف الشبھات.

4. الاھتمام الخاص بمعجزة الإسلام: القرآن استدل بقول النبي صلى الله علیھ وسلم:) من اتبعھ كان على الھدى ومن تركھ كان على الضلالة(. وبین ان أفضل صور العلاقة بالقرآن تخصیص الورد للقراءة والتدبر ویحسن أن یكون بالتدارس مع الصحبة الصالحة والاھتمام ببلاغة القرآن ومعجزاتھ.

5. التسجیل في برنامج صناعھ المحاور لمن تجاوز 16 من عمره.

6. القراءة في الكتب التي نقدت الثقافة الغربیة المادیة الغالبة.

4) التفكیر بین النقد والشك
یطرح ھنا سؤال كیف یمكن للمرء أن یعیش الیوم في عالم یعج بالمغالطات السیاسیة والاجتماعیة

والاعلامیة والفكریة دون أن تكون لدیھ عقلیة ناقده یفحص بھا ما یستقبل من معلومات وما یتلقى من افكار واكد الإسلام ذلك وأرشده الى الاھتمام بالتفكیر والأدلة وعدم تبني الافكار والعقائد مجرد كونھا الشائعة واستدل بقولھ تعالى:

{قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة}سبأ:46.

وقولھ تعالى {إن عندكم من سلطان بھذا} والسلطان اي الحجة وفي المقابل فإن الاسلام لا یدعو الى الشك والریب ولا للتعنت في اشتراط الدلائل وإنكار الأدلة بحجة التجربة والحس لأنھ لیس من النقد المتزن.

أھم سمات التفكیر النقدي

اولا: اشتراط الدلیل لقبول الدعوى: كادعاء امور حدثت في التاریخ أو الشرع ونحو ذلك فلابد من دلیل یدعم ھذا الادعاء.

ثانیا: اشتراط الصحة لقبول الدلیل: ھنا ركز على ثلاثة أمور لمیزان النقد: النظر في الدلیل، نتیجة الطرح، طریقھ الاستدلال الموصلة للنتیجة فإن تضمنت خطأ ما اختلت الأطروحة وصارت محل استشكال في میزان النقد.

ثالثا:اشتراط (اللزوم) لقبول النتیجة من الدلیل:

أي لابد أن یكون بین الدلیل والمدلول (النتیجة) علاقة لزوم أي أن یكون الدلیل مستلزما للنتیجة.

رابعا: اشتراط عدم مناقضة الدلیل لما ھو أرجح منھ من القطعیات إذا كان ظنیا:

أي عند فحص النتائج والأدلة والاستدلالات فان كان فیھا تعارض أو تناقض لنتائج اخرى بادلھ أكثر قوه فانھ یقدم الأقوى على ما دونھ.

خامسا: عدم قبول التناقض:
المفكر الناقد لا یقبل الجمع بین النقائض، بل یدقق ویرجح منھا ما كان مستندا إلى دلیل صحیح أیا

كان نوعھ خبریا او عقلیا او حسیا.

سادسا: التفریق بین المعارف القطعیة والمعارف الظنیة والتعامل مع كل منھما بما یناسبھ.

فالناقد یدرك التفاوت بین المصادر ومن ثم یتعامل مع كل منھا بما یلیق بھ بحسب وجود البراھین المثبتة لقوة ذلك المصدر من عدمھا، ام الشكاك فیتخذ الشك منھجا في وجھ الحقائق ولا یفرق بین المصادر.

طرق تحصیل التفكیر الناقد

1- تطبیق الصفات السابقة (سمات التفكیر النقدي) ھنا مع مرور الوقت بالممارسة یكتسب المرء ملكة النقد واكتشاف الخلل بثواني معدودة.

2-طلب العلوم التالیة بجد واستمرار. علم مصطلح الحدیث علم أصول الفقھ علم الجدل والمناظرة

3- قراءة مؤلفات العلماء المتمیزین بالنقد كابن حزم وابن تیمیة.

لفتات ھامھ:

التفكیر الناقد: یسعى للوصول الى المعرفة الیقینیة الصحیحة عن طریق النظر والموازنة بین الاوجھ المختلفة للأمور اما التفكیر الشكي ھو حالھ من العبثیة التي لا تقود إلا إلى مزید من التیھ والتناقض، كما ان الدلائل التي تثبت وجود الله وصدق الوحي والنبوة تقود للتسلیم وندرك ان اخبار الوحي لا تناقض العقل وإن كانت تحیره.

5) مشكلة القدوات
بما ان نفسیة الإنسان جبلت على حب الاقتداء الا اننا نعیش ازمة في شأن المتصدرین لتوجیھ الناس

ورسم أفكارھم وسلوكھم في فضاءات الشبكة المفتوحة التي تتیح لكل أحد ان یكون لھ منبر یدعو الناس فیھ الى نفسھ وافكاره، خاصة مع انخفاض مستوى التفكیر النقدي في تفكیر كثیر من الناس المتابعین لھذه الشبكات

ناھیك عن أن بعض المشتغلین بالدعوة والعلم لم یحسنوا تمثیل الرسالة التي یحملونھا ولم یدركوا تغییر الواقع في لغة الخطاب وموضوعاتھ عند المتابعین..

بالإضافة إلى تربص البعض لمقاطعھم وكتاباتھم التي أخطأوا فیھا أو كان صوابا، ولكنھا شوھت لانتقاد الدعوة والتدین ولیس لانتقاد الشخص وأحیانا انتقاد الإسلام كما في الحملات الإلحادیة التي تصطاد في الماء العكر ومن المھم ان نقرر قاعدة كبرى في ھذا الباب وھي أن المبادئ یجب ان تعلو على الأشخاص.

ومن اھم عوامل الداعیة الى الثبات على الدین والاستقامة في السلوك والتواؤم مع المبادئ والقیم وجود القدوات من العلماء والصالحین الذین یتمثلون ما یعتقدون بھ عملیا في بیوتھم ومع اقربائھم والناس من حولھم.

صفات قدوات للجیل الصاعد

ھنا نبھھ لأمرین غایة في الأھمیة:

1- أن القدوة لیس معصوما من الخطأ والذنب.

2- أن مقامات الاقتداء تتنوع وتتعدد ولیست كلھا تتطلب توفر الصفات بمجموعھا في الشخص.

الصفة الأولى: الانطلاق من المحكمات.

من المحكمات لا المتشابھات وبناء الفروع على الأصول للعكس.. لأن حصول الزلل باختلال الأصول ومنطلقاته

قال تعالى {فأما الذین في قلوبھم زیغ فیتبعون ما تشابھ منھ ابتغاء الفتنھ
وابتغاء تأویلھ} ال عمران 7.

الصفة الثانیة: الجمع بین النصوص الشرعیة وبین مراعاة المقاصد والمصالح.

ھنا إذا حصل الاتزان في الجمع بینھما ینتج فقھ یجمع بین صفتین:

الأولى: الاتساق الشرعي مع المحكمات والقطعیات.

الثانیة: التقدیر للواقع وحسن التفاعل معھ بما یحقق مقاصد الشرع العامة.

ومن لا یراعي مقاصد الشریعة ومصالح الخلق او یراعي المصالح دون الاھتمام بالنصوص فلا ینبغي ان یكون في صدارة الرموز الصالحة للاقتداء.

الصفة الثالثة: الوعي وحسن فھم الواقع.

لابد للمرء ان یكون على درایة بواقع الناس لكي یستحق مقام القدوة وضرب لنا مثلا برسول الله صلى الله علیھ وسلم الذي یؤثر دفع مفسدة نفور قومھ بإدراكھ أنھم حدیثو عھد بالإسلام في مسألة بناء الكعبة لتعود على ما كانت علیھ زمن إسماعیل علیھ السلام.

الصفة الرابعة: تقدیم مصلحة الأمة على مصلحة الفرد.

أي أن ھناك من الناس من تغلبھم أھوائھم ومصالحھم الشخصیة حتى ضمن إطار اشتغالھم في العلم الشرعي والدعوة الإسلامیة وشغلوا عن الدفاع عن مصالح الأمة بصراعات جانبیة مع دعاة
آخرین یختلفون بالمنھج ینطلقون من مبدأ تصحیح الأخطاء والمفاھیم، ولكن ھذا المبدأ یكون

احیانا حیلة شیطانیة خطیرة یدخل بھا على الإنسان.

الصفة الخامسة: تصدیق القول بالعمل.

ھنا وضح لنا ان من ناقض عملھ قولھ فلیس اھلا لان یكون قدوة ومن یغیر رایھ او یغیر الفتوى بسیاقات لا تبرر فھذا أیضا لا یقبل.

الصفة السادسة: التوازن والاعتدال. أي یكون بعیدا عن الغلو بمختلف صوره.

الصفة السابعة: التنوع المعرفي. أي بسبب الأفكار والقضایا في زمننا یتطلب إیجاد قدوات معرفیة متنوعة الاھتمامات ومتعددة

الثقافات لسد الفجوة وإحسان المعالجة.

 

اشارات وتنبیھات وضوابط في موضوع الاقتداء

اولا: اعد ترتیب قائمة الشخصیات التي تعجبك وقیمھا حسب الصفات المذكورة انفا واحصر مستحقي الاقتداء بھم.

ثانیا: وسع دائرة القدوات ولا تحصر نفسك بالأحیاء منھم فقط.

ثالثا: الاقتداء یكون بالأطروحات المقصودة لا المسكوت عنھا.

رابعا: الاقتداء لا یعني المطابقة للمقتدى بھ وذلك ان التأسي الكامل مقام للنبي صلى الله علیھ وسلم.

خامسا: توسیع مجالات الاقتداء لتشمل النواحي الإیمانیة والأخلاقیة بجانب الفكریة والمعرفیة.

سادسا: طلب الاسترشاد من القدوات وسؤالھم واستشارتھم زیادة على قرائھ كتبھم والاستماع لمحاضراتھم.

سابعا: ینقسم الاقتداء الى ثلاثة مستویات بحسب صفات الشخص المقتدى بھ:

المستوى الاول- الاقتداء الجزئي محدد بباب معین.

المستوى الثاني- الاقتداء المنھجي والفكریة والسلوك العام.

المستوى الثالث- الاقتداء التام في كل شؤون المقتدى بھ وذلك لا یكون الا للرسول صلى الله علیھ وسلم.

 

تأمل في الواقع

یقول الكاتب ھنا أنھ بعد ما لاحظ أمورا على قرن فائت والقرن الحالي انھ یستبشر خیرا بالسنوات الأخیرة التي تشھد بوادر حالة جدیدة وفریده وتأمل اسباب تمییز طائفة من ھؤلاء المفكرین الشرعیین الصاعدین فوجدھم یشتركون في الامور الثمانیة التالیة:

1-قوة التأصیل المنھجي الشامل لأصول الفنون الشرعیة والفراغ منھ في تكوینھم المعرفي.

2- التوسع في القراءة الذاتیة في مختلف الفنون الشرعیة والفكریة بعد انھاء التأصیل المنھجي الضابط لمعرفتھم..

3- الاھتمام الخاص بالتراث التیمي والاستفادة منھ شرعیا ومنھجیا وحجاجیا )وھذا لیس من باب الالزام انما من باب الاستفادة.
4- وضح الملفات العقدیة والمعرفیة الكبرى لدیھم فلا یعانون من اضطرابات معرفیھ او تقلبات عقدیھ وذلك لسببین:

اولھما: صحة التكوین الاعتقادي وارتباطھ بمصادر الاسلام الذي لھ كبیر الاثر في حسن البناء

المعرفي.

الثاني: وضوح مصادر المعرفة لدیھم وما یفید كل مصدر.

5- التحرر من الناحیة المعرفیة، والفكریة، والإصلاحیة، وغیرھا. 6- إدراكھم للسیاق الفكري والثقافي الذي تعیشھ الأمة الیوم ولأصول التیارات ورموزھا واطروحاتھا المناوئة لثوابت الملة.

7- قوه الادوات البحثیة والنقدیة لدیھم.

8- حضور المعنى الرسالي لدیھم.. مما یحفزھم لنشر العلم والدفاع عن الإسلام وثوابتھ بدون مقابل مادي.

● یلفت انتباھنا انھ تتفاوت درجات تحقیقا لصفات الثمانیة كماتختلف تخصصاتھ وتتنوع ویحث من یرید ان یكون مثلھم ان یتنبھ لھذه الصفات ویحرص على تحقیقھا ولا یستعجل النتائج والله الموفق.

٦)رباعیة التمیز للنخبة 

ذكر الكاتب أموراً أربعة تؤدي إلى التمیز لھذه النخبة وھي: ١- العلم ٢- العبادة ٣- التفكیر ٤ – الدعوة

أولا: العلم

أشار الكاتب ھنا إلى حاجتنا الي علم متمیز مبني على منھجیة صحیحة مع جد في التحصیل ومواظبة في البناء، ولسبیل التمیز في العلم الجمع بین المنھجیة والحفظ والفھم مع صلاح النیة وصدق المقصد.

ولذلك ھناك علوم من الواجب الاھتمام بھا كعلم أصول الفقھ وعلوم اللغة العربیة وإدمان النظر في كتب الائمة الكبار المجتھدین والعنایة بأبواب الوحدة والنظائر والفروق سواء في القرآن أو اللغة أو الفقھ، والتركیز علي إمام بعینھ وقراءة مؤلفاتھ كلھا أو جلھا ثم عمل ذلك مع مؤلفات إمام آخر وھكذا.

ثانیا: العبادة

فلیكن أُولي مھماتك وأَولي أولویاتك أن تأخذ لنفسك نصیبا من عبادة الله تعالي، فتبدأ بإحسان

الفرائض ثم النوافل ولتعتني عنایھ خاصھ بذكر الله تعالي.

ثالثا: منھجیة التفكیر

َطالبالكاتببضرورةتنمیةالتفكیرالناقدلدیناحتىلاتمرعلیناالمغالطاتوترَوج التفاھات، وألا یكون ھذا التفكیر وسیلة لرد ما ھو صحیح كما یفعل كثیر من مغروري المثقفین؛ حیث إن الإسلام یحث على التوازن وھذا ما یجعل العقل المسلم عقلا برھانیا متوازنا یخضع للحق إن أستبان لھ ویرفض الخرافات والاساطیر والعقائد الفاسدة التي لا دلیل ولا برھان علیھا.

رابعا: الدعوة إلي الله تعالي

حذر الكاتب من الجو العام الذي یعیش فیھ الجیل الصاعد؛ حیث إنھ یكرس مبدأ الفردیة ویؤكد على تشویھ فكرة الدعوة ویربطھا بمصطلحات ومفاھیم للسخریة والاستھزاء، وھذا أمر في غایة الخطورة. لذلك فإن الدعوة الي الله منھاج عظیم سار علیھ المرسلون وفاز بإتباعھم علیھ من أمتھم الموفقون لخدمة الامھ الإسلامیة، كما أن من فوائدھا أنھا تصحح للمرء نیة العلم؛ لیكون زاداً لھ في إحیاء الإسلام وخدمة اللامة الاسلامیة.

 

٧) الفوضى المعرفیة وترتیب المنھجیة العلمیة
وضع الكاتب ھنا مجموعة من القواعد المنظمة للقراءة والبناء المعرفي، والتي تجعلنا نتجنب بھا الوقوع في قضیة الفوضى المعرفیة.

● القاعدةالاولي:ھيتقسیمالكتبوالموادوالتعاملمعكلمرتبةفیھابماینبغيلھا.فأولا مرحلھ التأصیل وثانیا مرحلة البناء وثالثا مرحلة التمكین ورابعا مرحلة التخصص وخامسا مرحلة المطولات والكتب الموسوعیة.

● القاعدةالثانیة:ھيتقسیمقراءتكإلىأنواعوأعطيكلنوعماینبغيلھ.

● والقاعدةالثالثة:يدون الفوائدبأنواع التدوین الثلاثة: التدوین على الكتاب نفسھ، التدوین في الدفتر الجامع للفنون، التدوین في دفتر التخصص

● القاعدةالرابعة:لخص الكتب المھمة والمركزیة.

● القاعدةالخامسة:التكرارسر علاج النسیان.

٨) أھمیة إدراك الجیل الصاعد للسیاق التاریخي الحدیث
طالب الكاتب ھنا الجیل الصاعد بضرورة المعرفة الواعیة بالتاریخ الحدیث ،وھذه المعرفة تتطلب جھداً كبیراً وجلداً على القراءة والمطالعة ومشاھدة الانتاجیات التاریخیة المرئیة المعتبرة وضرورة تنویع المصادر لتحقیق ھذه المعرفة من مختلف اتجاھاتھا ؛حیث إن ھناك عوامل وأحداثا كبري اجتمعت في أزمنھ متقاربة بالنسبة لعمر ھذه الامة المحمدیة:

الاستعمار – الاستشراق – التغریب – الحروب العالمیة – الصھیونیة حروب الاستقلال – الانھزام الحضاري -القومیة العربیة ………

( وأیضاً شخصیات یتطلب القول فیھا قراءة عدة كتب كشخصیة جمال الدین الافغاني وتلمیذة محمد عبده ).

وذكر الكاتب أیضاً في ھذا الباب أھم العناصر والموضوعات التي ینبغي البحث فیھا وتتطلب الجواب

عنھا، والتي من الممكن أن ترتب لك الخارطة المعرفیة المجملة للقرنین الماضیین: القرن التاسع

عشر المیلادي ونھایات القرن الثامن عشر والقرن العشرون.

٩) تحدي الشھوة والحب والزواج
قسم الكاتب الحدیث فیھ الي ثلاث مراحل:

أولا: مرحلة ما قبل الزواج (تحدي الشھوات والعلاقات)

تحدث الكاتب ھنا عن الزمن الذي یعیشھ الجیل الصاعد والذي وصفھ انھ “زمن ربما لم یمر على البشریة منذ خلق الله آدم إلي یومنا ھذا زمن مثلھ ” حیث انتشار الشھوات والاباحیات وجعلھا تجارة ضخمة وصناعة متكاملة، وتمریر كل أنواع الرزیلة الي الناس بشتى الوسائل فروجوا للشذوذ والمثلیة وبرروا زني المحارم بكل الطرق، حتى صارت ھذه الرذائل تعرض على مستعمل الشبكة دون طلب أو بحث. وفي المقابل تزداد الدائرة ضیقا على الحلال فالزواج المبكر یحارب فكریا وثقافیا فضلا عن كونھ عسراً من الناحیة المادیة والاجتماعیة.

وھنا جاء السؤال: كیف یمكن التعامل بطریقة صحیحة مع تحدي الشھوات قبل الزواج؟

جاءت إجابھ الكاتب مفصلھ، ولكننا سنوجزھا فالاتي: لابد أن یدرك الشباب عاقبة الولوج الي عالم الشھوات المحرمة من ناحیة الأثر الشخصي والمستقبلي؛ لترك ھذا الوحل والعزم على التوبة ودوام المحاولة والتكرار وضرورة النظر لھذه الاباحیات بأن لا تكون عبداً لتلك المشاھد وأنفر منھا عزة وكرامة وحریة واستعلاء بنفسك، كما أن وجود الصحبة الصالحة یساعد كثیر، بل في الحقیقة أكثر نفعا وأحسن أثرا، ثم الزواج عند المقدرة وعند عدم المقدرة یأتي الصوم وقایة ومانع یخفف من وطأة الشھوة ویحصر مداخلھا.

أما عن الحب والعاطفة والتواصل بین الجنسین في غیر إطار الزوجیة: یلخص الكاتب ھنا أن الحب قبل الزواج فإنھ إن كان شعورا قلبیا فھو غیر محرم لأنھ في كثیر من الأحیان غیر اختیاري وقد یكون فاتحھ خیر تدفع الي الحلال، إلا إن أتبعھ بقول أو فعل محرم، وإذا كان ھذا الحب مستحیلا أن نصل بھ الي الحلال فھنا لابد من إخراج النفس من أحلامھا وإدراك الواقع على حقیقتھ.

ثانیا: مرحلة الطریق إلى الزواج

ھنا أشار الكاتب إلي توعیة الشباب ذوي الطموح العالي في العلم من الزھد والتمنع عن الزواج لاعتباره شاغلا أو صارفاً لھم، بل أن الزواج الطیب المناسب لمن أھم الوسائل المعینة على طلب العلم والاستقرار، كما أنھ لمن الأھمیة متابعھ المحاضرات والدورات التعلیمیة للحیاة الزوجیة فیما یخص فقھ الزواج والتعامل بین الزوجین وطبیعة كل جنس واختلافھ عن الاخر.

یوضح الكاتب في مرحلھ الاختیار أن المیزان الأساسي ھو الدین والخلق، ومن أبرز ما یحدد التدین ھو الالتزام بالفرائض وخاصة الصلاة كما أن بر الوالدین من أھم علامات المرء كذلك اجتناب الكبائر والبعد عن الفواحش والخلق الحسن.

كما وضح الكاتب لمجموعھ من الوسائل التي تساعد علي قیاس صفات الطرف الاخر في الدین والخلق والشخصیة، الوسیلة الاولي : التعرف علي الملامح الأولیة لتفكیره واھتماماتھ عبر صفحاتھ في وسائل التواصل،

والوسیلة الثانیة : تعریفا لنفسك واھتماماتك وأھدافك وتصوراتك عن الحیاة الزوجیة والحیاة بشكل عام لمعرفة ماذا ترید بالضبط ولإرسالھ للطرف الاخر بعد مرحلھ الارتیاح.

والوسیلة الثالثة: ھي الأسئلة الموجھة للطرف الاخر فیما سبق النقاط التي عرفت بھا نفسك.

أما الوسیلة الرابعة: السؤال عن الشخص عبر المعارف المقربین منھ لضمان المصداقیة من أطرف أخري .

ومن ثم یأتي مرحلة النظرة الشرعیة التي تعمل علي تتمیم خطوات الزواج العملیة أن تكون مرتاحا لاختیارك نفسیا وبصریا بعد ارتباطك من جھة الدین والخلق وتأتي مرحلة التكالیف التي طالب فیھا أولیاء الأمور بضرورة التسییر علي الخطاب وكسر حواجز الشروط والمعاییر التي تضعھا الاسر أمام الخاطب.

 

ثالثا: مرحلھ ما بعد الزواج

ھنا أشار الكاتب إلي ضرورة النظر إلى الزواج إنھ تجربة إنسانیة فیھا الحلو والمر، ولنكن على وعي تام بأن ثمارھا قد لا تتحقق مبكرا، فلابد أن نصبر ونصبر حتى نتجاوز المشكلات الطارئة، كما أن أتباع النصوص الشرعیة فیما یخص الزواج والاسرة في كتاب الله وھدي النبي صلي الله علیھ وسلم مع نسائھ وزوجاتھ لفیھ منجم علم یحتوي على كنوز غالیة وبركة كبیرة وإرشاد دقیق وفوائد مھمة.

١٠) الھدایة والاستقامة
وھنا وضح الكاتب أن ھناك مفاتیح للھدایة والتوفیق الالھین

● الأول:التخلص من موانع الھدایة ومنھا الظلم والتكبر والترفع عن الناس والافساد في الأرض، والتھاون في أوامر الرسول صلي الله علیھ وسلم وتعمد مخالفتھا، وتراكم الذنوب على المرء  حتى یسود قلبھ؛ فیعمي عن رؤیة الحق والسیر على طریق الكذب وغیرھا من الموانع.

● الثاني:التعلق والاعتصام بالله والإنابة الیھ وتحقیق التوحید قلبا وسلوكا.

● الثالث:الإنابة والرجوع الى الله والاقبال علیھ.

● الرابع: التمسك بالقرآن.

● الخامس:المجاھدة مع الله.

● السادس:الاعتصام بالله سبحانھ وتعالى.

● السابع:طلب الھدایةمن الله تعالى وكثرةالدعاء.

تلخيص:

ھناء سلیم و ناھد العبدي

 

image_pdfimage_print



مبادرة أوقفة


اتصل بنا